مؤشرات القطاع الخاص تسجل نمواً والانعكاسات ترفع الإيرادات... والأسعار -- May 15 , 2025 11
شهد النشاط التجاري لشركات القطاع الخاص اللبناني نمواً ملحوظاً في الفترة الأخيرة، حيث سجّل النشاط التجاري للقطاع الخاص في لبنان خلال شباط الماضي مزيداً من التحسن مع ارتفاع كمية الطلبيات الجديدة، وسط توقعات إيجابية بحسب مؤشر (PMI).
أشار التقرير، إلى أنّ "مؤشر مدير المشتريات سجل في شباط الماضي قراءة أعلى من المستوى المحايد البالغ 50 نقطة، رغم انخفاضه بنسبة طفيفة إلى 50.5 نقطة من قراءة كانون الثاني الماضي البالغة 50.6 نقطة (والتي كانت أعلى قراءة منذ 2013).
ولفت المؤشر إلى تحسن ملحوظ في النشاط الاقتصادي لشركات القطاع الخاص اللبناني منذ بدء الدراسة قبل حوالى 12 عاماً.
كما سجّلت شركات القطاع الخاص اللبناني زيادة في طلبيات التصدير الجديدة للمرة الأولى منذ تشرين الثاني 2023، مما دعم نمو النشاط التجاري لشهرين مُتتاليين، وذلك لأول مرة منذ أكثر من عام ونصف.
توقعات إيجابية
وترى كبيرة المحللين في بنك بلوم إنفست، ميرا سعيد، أنّ "انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة مؤيدة للإصلاح قد ساهما في تعزيز ثقة شركات القطاع الخاص اللبناني".
وقالت إنّ "رفض إسرائيل الانسحاب من 5 مواقع استراتيجية في لبنان كان السبب وراء انخفاض مؤشر مدراء المشتريات، الأمر الذي يمثل تهديداً لأمن لبنان".
فكيف ينعكس هذا النمو على الواقع الاقتصادي اللبناني؟ وما دلالات هذا النمو على مسار التعافي بعد أكثر من 5 سنوات على الأزمة الاقتصاديّة، إضافةً إلى الحرب الإسرائيليّة على لبنان وما ألحقت من أضرار في بنية المؤسسات والشركات؟
تحسّن نسبي
هذا "النموّ يعكس تحسّناً نسبيّاً في العديد من القطاعات الإقتصاديّة"، وفق ما أوضحه المدير العام لوزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبو حيدر، معدّداً لـ "نداء الوطن"، العوامل التي ساهمت في هذا النمو والتي تتمثل في "زيادة الطلب المحلي والدولي، لا سيّما مع ارتفاع طلبيات التصدير للمرة الأولى منذ تشرين الثاني 2023. كما أن زيادة حجم المشتريّات ومعدلات الإنتاج قد لعبت دوراً كبيراً في دعم هذا التحسن، بالإضافة إلى ارتفاع معدلات التوظيف استجابة للنمو في الأعمال الجديدة".
كما يشير أبو حيدر أيضاً إلى أنّ "تحسّن الثقة العامة نتيجة انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، بالإضافة إلى التوّقعات الإيجابيّة لتعافي القطاع السياحي، كان له تأثير كبير في دعم التفاؤل لدى الشركات الخاصة وزيادة النشاط التجاري".
لكنه لا يغفل بأنّ "الشركات واجهت ارتفاعاً حادّاً في التكاليف التشغيلية وأسعار مستلزمات الإنتاج والشحن، وردّت عليه للأسف بزيادة أسعار بيع السلع والخدمات للحفاظ على هوامش أرباحها، لكن بعضها تخطّى الهوامش المعقولة، إلّا أنّ مديرية حماية المستهلك كثّفت من جولاتها وتم تسطير العديد من المحاضر وتمّت إحالة بعضها إلى القضاء المختصّ"، آملاً أنْ "يسلك تعديل قانون حماية المستهلك مجراه لكي تكون العقوبة رادعة أكثر".
تحديّات أخرى
ويتطرّق أبو حيدر إلى ما يُواجهه أيضاً القطاع الخاص من "تحدّيات أخرى مثل عدم الاستقرار الأمني والتضخم العالمي، حيث إن لبنان يعتمد على استيراد أكثر من 80 % من احتياجاته، ما يجعل الشركات في مواجهة مستمرة مع تقلّبات الأسعار العالمية وتكاليف الشحن المرتفعة".
على الصعيد السياسي
على الصعيد السياسي، أدّت الانتخابات الرئاسية إلى تحسّن ملحوظ في ثقة الشركات الخاصة، وهو ما عزّز من التفاؤل بشأن المستقبل القريب. لكن، تبقى التوترات الأمنية المستمرة مصدر قلق يشكّل خطراً على الاستدامة الاقتصادية والاجتماعية في البلاد، وفي هذا الإطار يُنبّه أبو حيدر إلى أنّ "النمو يُظهر مؤشرّات إيجابيّة ولكنه نمو هشّ، إذ لم يعتمد على تحقيق إصلاحات اقتصادية، ويحتاج إلى استقرار طويل الأمد في الأمن لضمان الاستمرارية. في المقابل، تساهم القوانين التي يقرّها مجلس النواب في دعم الثقة في القطاع الخاص، وهو ما يعكس إشارات إيجابية للمرحلة القادمة".
الانعكاسات المباشرة
عن الانعكاسات المباشرة لهذا النمو على الإيرادات المحصّلة للدولة بفعل الضرائب، لا ينفي أبو حيدر أنّ "النمو يُسهم في توسيع القاعدة الضريبية من خلال زيادة الإنتاج والاستهلاك والتوظيف، بما يرفع الإيرادات العامة. لكنه يستدرك قائلاً إنّ "فرض ضرائب مرتفعة أو غير مدروسة في هذه المرحلة قد يعيق النمو، خاصة إذا لم تترافق مع إصلاحات فعالة وتحفيز اقتصادي. لذا يجب العمل على إصلاح النظام الضريبي وتحسين الجباية دون إثقال كاهل المواطن والقطاع المنتج".
رماح هاشم - نداء الوطن