فنادق بريطانيا مهددة بخسارة إيرادات ضخمة.. والسبب طرد طالبي اللجوء -- Aug 22 , 2025 7
لا يستقبل فندق بيل في إيبينغ، على مشارف لندن، أي حجوزات جديدة، ويرجع ذلك إلى أن الحكومة منذ عام 2020 تستخدمه لإيواء الآلاف من طالبي اللجوء الذين يصلون سنوياً إلى الساحل الجنوبي لإنجلترا.
باستثناء أصحاب الفنادق، لا أحد راضٍ عن النظام الحالي، لا الحكومة والمجالس المحلية، المضطرون لدفع مبالغ طائلة لسداد العقود المربحة للفنادق؛ ولا طالبو اللجوء، الذين يقضون سنوات في غرف صغيرة ينتظرون معرفة ما إذا كان بإمكانهم البقاء في بريطانيا؛ ولا السكان المحليون، الذي يعبر بعضهم عن مخاوفه من مجموعات الشباب اللاجئين الذين يعيشون في المدينة.
لكن كل هذا تغير هذا الأسبوع، عندما صدر حكم تاريخي من المحكمة العليا يمنع مالكي فندق بيل من إيواء طالبي اللجوء، بعد أن اشتكى المجلس المحلي من عدم استخدام الفندق للغرض المخصص له، والآن سيتعين إجلاء 138 مقيماً الشهر المقبل.
حوّل قرار المحكمة هذا الفندق ذا الثلاث نجوم إلى محور عاصفة سياسية، ومصدر إزعاج كبير لحكومة حزب العمال، ويُشكّل مصير طالبي اللجوء أعقد المشاكل التي تواجه رئيس الوزراء كير ستارمر.
أما بالنسبة لنايجل فاراج، الزعيم المتشدد لحزب الإصلاح البريطاني اليميني، فقد كان القرار مدعاةً للاحتفال.
أشاد فاراج، الذي كان في السابق القوة الدافعة وراء حركة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي «بريكست»، وهو الآن عضو في البرلمان، بما وصفه بـ«النصر العظيم»، ودعا إلى احتجاجات مماثلة أمام فنادق المهاجرين في جميع أنحاء البلاد، «للضغط على المجالس المحلية للجوء إلى المحكمة» لمحاولة منع فنادق أخرى من إيواء طالبي اللجوء.
وإذا اختارت المجالس في جميع أنحاء المملكة المتحدة اتخاذ إجراءات قانونية مماثلة، فقد يُشكّل ذلك مشكلة كبيرة للحكومة وللفنادق.
في المملكة المتحدة يتم استخدام نحو 210 فنادق لإيواء نحو 32 ألف شخص.
وإذا فازت مجالس أخرى بأحكام مثل قضية إيبينغ، فقد تضطر الحكومة في غضون أشهر إلى إيجاد مكان بديل لإيوائهم، وإيواء آخرين من أصحاب طلبات اللجوء في المستقبل.
نقطة تحول
محمد خضور، طالب لجوء صومالي يعيش في فندق بيل، قال إنه منذ 4 أشهر كانت الأمور طبيعية «كنا نخرج، لم يكترث أحد»، ولكن مع اتهام مهاجر أثيوبي بحادثة عنف تغير كل شيء، وأصبحت معاملة المواطنين للاجئين سيئة «يقولون إنك بريء حتى تثبت إدانتك، الأمر أشبه بعكس ذلك الآن، المهاجرون وطالبو اللجوء مذنبون حتى تثبت براءتهم».
في اليوم التالي لحكم المحكمة، عبّر الكثيرون في البلدة عن مشاعرهم السلبية، مرّ العشرات من الناس بسياراتهم أمام فندق بيل وهم يطلقون أبواق سياراتهم احتفالاً، وهتف آخرون «حان الوقت، تخلصوا منهم».
معلومات مضللة
في الصيف الماضي شهدت المملكة المتحدة تحول الاحتجاجات ضد المهاجرين إلى عنف وعنصرية صريحة عندما أسهمت المعلومات المضللة في تأجيج أعمال شغب مناهضة للهجرة في جميع أنحاء البلاد.
أدى مقتل ثلاث فتيات في ساوثبورت، شمال إنجلترا، إلى إشعال المتظاهرين النار في فندق يُستخدم لإيواء طالبي اللجوء بينما كان الناس لا يزالون في الداخل.
وتم اتهام ناشطين من اليمين المتطرف باستخدام منصات التواصل الاجتماعي لنشر معلومات مضللة، أبرزها الادعاء الكاذب بأن منفذ هجوم ساوثبورت مهاجر وصل إلى المملكة المتحدة بشكل غير قانوني، لكن في الواقع تمت إدانة مراهق من العاصمة الويلزية كارديف، وإن كان أبواه مهاجرين روانديين.
منذ وصول حزب العمال إلى السلطة الصيف الماضي، وصل نحو 38 ألف شخص على متن قوارب صغيرة لشواطئ المملكة المتحدة، بانخفاض عن ذروة عام 2022، ولكن لا يزال المعدل أكثر من الثلث عن العام السابق، وقد تم إيواء العديد منهم في فنادق، ولا يزال آلاف الأشخاص على استعداد للمخاطرة بحياتهم كل عام للوصول للأراضي الإنجليزية.
لقد وفّر الإحباط من ارتفاع مستويات الهجرة، إلى جانب الاستياء من تباطؤ النمو الاقتصادي في بريطانيا، أرضاً خصبة للنزعة القومية.
سيناريوهات محتملة
عقب صدور حكم المحكمة، قالت الحكومة إنها تدرس «مجموعة من أماكن الإقامة المناسبة» لإيواء طالبي اللجوء في إنجلترا، وحذرت وزارة الداخلية من أن قرار المحكمة «سيؤثر بشكل كبير» على قدرتها على إيواء طالبي اللجوء في فنادق في جميع أنحاء المملكة المتحدة.
ومن المرجح أن تتفاقم هذه الآثار، حيث تدرس المجالس الأخرى ما إذا كانت سترفع طعوناً قانونية خاصة بها، وقال فاراج إن المجالس العشرة التي يسيطر عليها حزبه ستبذل «كل ما في وسعها» للحصول على أحكام مماثلة.
في فندق بيل، سيتعين إخلاء جميع الغرف الثمانين التي تؤوي 138 شخصاً بحلول مساء 12 سبتمبر.
بالنسبة للصومالي خاضور يعني هذا على الأرجح أشهراً طويلة أخرى قبل أن يتمكن من استئناف حياته، حيث لا يُمنح طالبو اللجوء الحق في العمل أثناء انتظار البت في طلباتهم، «أريد فقط إثبات أنني لست مجرماً، وأنني قادر على المساهمة الإيجابية، أنا لستُ مُتطفلاً».
(كريستيان إدواردز - CNN)