السلاح الخفي في السوبر ماركت… كيف تقودك العروض إلى الشراء دون أن تشعر؟

السلاح الخفي في السوبر ماركت… كيف تقودك العروض إلى الشراء دون أن تشعر؟ -- Sep 09 , 2025 12

هل فكرت يومًا، أنه ومنذ اللحظة الأولى التي تخطو فيها داخل المتجر ( السوبر ماركت) يتم توجيهك بخطة مدروسة بعناية، ويتم خداعك من دون أن تشعر؟ هل تساءلت يومًا عن السبب وراء وضع قسم الخضار والفواكه في أبعد مكان؟ الأمر ليس صدفة أبدًا؛ فالهدف هو أن تتجول أكثر، فتزيد احتمالية شرائك لأشياء لم تخطط لها أصلًا، وأيضًا ليس من قبيل الصدفة وضع السلع الأغلى ربحًا دائمًا في مستوى نظرك، بينما توضع الحلويات والألعاب في الأسفل (أسفل الرفوف)، حتى يتمكن الأطفال من رؤيتها ويطلبوها، حتى أنّ بعض المتاجر تصمم الرفوف بناء على متوسط طول سكان المنطقة.

كل هذا يشكل ترجمة عملية وعلمية، لنظرية "منتج النداء Produit d'appel " المعتمدة أيضًا في الكثير من الدول حول العالم العربية منها والغربية . فعلى سبيل المثال توضع السلع ذات الربح الأعلى غالبًا على يمين الرفوف، لأن أغلب الناس يستخدمون يدهم اليمنى، وبالتالي يميلون لاإراديًا إلى الشراء من الجهة اليمنى.


أما الوقوف في طابور الدفع لدقائق تمتد أحيانًا بين 20 و30 دقيقة هو ليس مجرد انتظار، ضمن ما تتضمنه الخطة التسويقية للسوبر ماركت. إنّه الفخ الأخير، حيث توضع منتوجات صغيرة وملونة بجانب "الكاشير" كي تستسلمَ للملل وتشتريها من دون تفكير، ورغم أنّها لا تكلف الكثير، إلّا أنّها تدّرُ أرباحًا هائلة للسوبر ماركت، والأغرب أنَّ السوبر ماركت يفضل أن تنتظر طويلاً على أن يفتح صندوق دفع إضافيًا، فقط ليمنحك المزيد من الوقت للوقوع في فخ الشراء العشوائي.



رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائيّة هاني بحصلي، يؤكد أنّ السوبرماركت في لبنان يشكل هدفًا لنظرية منتج النداء Produit d'appel، فهناك الترويج، عرض الرفوف، والآرمات المتعددة الأشكال والأنواع، لافتًا إلى أنَّ أول خطوة في الترويج، هي الممرات التي يتميز بها معظم السوبرماركت، وأحيانًا يتخللها البائع/ البائعة يعرضون منتجات معينة (تغري البائع لشرائها)، بالإضافة إلى ظاهرة buy one get one وكل هذه العوامل تحفز المستهلك، وتغريه لشرائها .


ويضيف أنه علينا أن لا ننسى دور العامل النفسي، فعند دخول المستهلك إلى سوبرماركت كبير ومرتب سيخوض "تجربة التسوّق "، ودائمًا السوبر ماركات في لبنان تضع "promotions" في بداية الممرات، وليس في نهايتها، التي يصلها العميل متعبًا .

وتشير الـ "promotions" إلى أنشطة تهدف إلى زيادة الوعي بالمنتجات أو الخدمات، وتوليد الاهتمام، وتحفيز سلوك الشراء لدى العملاء من خلال تقديم فوائد وحوافز .

ووفق بحصلي يضاف إلى كل ذلك، التسوّق العاطفي الذي يخوض المستهلك تجربته عند الوقوف في الصف، عند قسم المحاسبة، حيث توجد الستاندات الصغيرة التي تتضمن تشكيلة من أنواع الشوكولا والعلكة، فنراه يختار عددًا منها، ويضعها في سلته .


ويرى بحصلي أنَّ نظرية "منتج النداء" تحمل تفسيرات عدة، لكن التفسير الأساسي هو عندما يكون هناك منتج رخيص، فإما يتم بيعه بسعر التكلفة الأساسية، أو بسعر تحت التكلفة الأساسية. وهذه النظرية هي إحدى أهم سياسات البيع والتسويق في السوبرماركت الكبير.

ويدعو بحصلي كل السوبرماركت في لبنان، إلى الأخذ بالاعتبار قانون حماية المستهلك والالتزام بشروط مديرية حماية المستهلك، وعليه، عندما تقدم عروضات وتخفيضات أن تكون حقيقية، لا أن يكون هناك تحايل في السعر على المستهلك، وبالطبع تقوم المديرية بدوريات كشف على العروضات من وقت إلى آخر، وتتخذ الإجراءات اللازمة بحق السوبر ماركت المخالف.


وفي تعريف نظرية منتج النداء (Produit d'appel) نجد أنها استراتيجية تسويقية تُستخدم لجذب الزبائن إلى المتجر أو العلامة التجارية، من خلال عرض منتج واحد أو أكثر، بأسعار مغرية (وأحيانًا بخسارة)، بهدف تحفيزهم على زيارة المتجر، وشراء منتجات أخرى ذات هامش ربح أعلى.

بدوره يرى رئيس جمعية المستهلك الدكتور زهير برو أنَّ هذه الاستراتيجية التجارية مُتبعة في السوبرماركت في كل دول العالم منذ عقود، بهدف اصطياد المستهلك وإغرائه، وهي وسيلة شرعية لإعلام المستهلك من جهة، والاستفادة منه بأكبر قدر ممكن، وهي معروفة من قبل كل الشبكات التجارية في العالم، وتنطلق من دراسة عادات الاستهلاك لدى المواطن في المناطق التي تتواجد فيها هذه المراكز الاستهلاكية، وفق تعبيره .

وما يجدر التوقف عنده بحسب برو، هو أن هذه النظرية لا تتوجه فقط إلى المستهلك بل إلى المُصنع من أجل تحقيق الربح، ومن الأمثلة الدقيقة أنَّ المتجر يحقق ربحًا أكبر من المصنع، ويفرض على المصنع الأسعار التي تناسبه، وفي الأماكن (أماكن وضعِها داخل السوبرماركت) التي تناسبه وفقًا لمعادلة: "إدفع أكثر تحصل على موقع أهم لعرض منتجاتك".


ويتابع برو: "لذلك، نرى بضائع موضوعة في أماكن بعيدة عن مدخل السوبرماركت ، أو موضوعة في "الستاندات السفلى" أو " الستاندات العليا" وفي (الحالات الثلاث) سيكون المستهلك مضطرًا لبذل جهد كي يراها، أو أن يسأل أحد العاملين في السوبرماركت عن منتج معيّن (مفضّل لديه) فيجيبه: "نعم تفضل معي"، ثم يتفاجأ أنه موجود في مكان ليس على مستوى العين أو الوجه" .

ويشدد برو على أنه من المفترض أن يكون المستهلك واعيًا لهذا الموضوع، وعليه أن لا ينظر فقط إلى البضائع الموجودة على مستوى عيونه ووجهه بل النظر إلى البضائع الموجودة فوق هذا المستوى وتحته، لأن نوعية البضائع الموجودة في هاتين المنطقتين تكون أفضل وبسعر معقول. وبالتالي، عليه أن يفتش على العلاقة القائمة بين النوعية والسعر حتى لا يغرق في السياسات والاستراتيجيات التي نتحدث عنها. كما عليه أن يكون واعيًا إلى قدراته الشرائية، فإذا كانت محدودة وبمبلغ معين خلال زيارته متجرًا ما، عندها، عليه الذهاب إلى البضائع والمنتجات التي يبتغي شراءها فقط، حتى لو اضطر إلى المشي مسافات (لبضع دقائق) كي يصلإليها، ودون أن يقرأ العروضات الموجودة على يمينه وشماله ويضطر حينها إلى شراء البعض منها .


مازن مجوز - نداء الوطن

أقرأ أيضاَ

أسبوعان من التقلبات... ماذا ينتظر المحروقات بعد 20 أيلول؟

أقرأ أيضاَ

وزير الاقتصاد يحضّر لـ"لامركزية" الإهراءات بدعم كويتي