أونصات الذهب تدخل السوق السوداء... شحٌّ وتفاوت في الأسعار -- Oct 13 , 2025 12
هل سمعتم من قبل عن شح أونصات الذهب والفضة في الأسواق؟ نعم ثمة شح بالأونصات في لبنان. فالتهافت الهائل على شراء أونصات الذهب والفضة أدى إلى فقدانها من الأسواق جزئياً ورفع أسعارها بما يفوق السعر العالمي بشكل ملحوظ. أما عن سبب التهافت على شراء الأونصات فثمة عوامل داخلية وأخرى خارجية قد تدفع جميعها بالمعدنين النفيسين إلى سوق سوداء.
بين بيروت وتركيا... سوق سوداء!
لم تعد طفرة الذهب عالمياً خافية على اللبنانيين، فالميسورون منهم وغير الميسورين يسعون إلى ادخار الذهب غير المشغول من أونصات وليرات وأنصاف وأرباع الليرات، كلّ بحسب قدرته المالية. فالجميع بات عالماً باتجاه سعر الذهب الصعودي لأسباب جيوسياسية واقتصادية لا يد للبنان بها.
هذا الواقع كان كفيلاً بطبيعة الحال برفع الطلب على الذهب في السوق اللبنانية أخيراً، غير أن عوامل أخرى دخلت على خط الطلب، فارتفع بشكل هائل ما أحدث شحاً بمعروض الأونصات في الأسواق اللبنانية.
ارتفاع الطلب بشكل كبير على شراء الذهب في لبنان دفع بالغالبية الساحقة من التجار إلى رفع سعر أونصة الذهب بما يزيد عن المعدل الطبيعي بنحو 120 إلى 130 دولاراً في حين كان يزيد سعر الأونصة في الأوقات العادية بين 50 و70 دولاراً عن السعر العالمي بالحد الاقصى. لكن عاملاً مستجداً لعب دوراً بارزاً في رفع الطلب في لبنان وهو ارتفاع الطلب في تركيا على شراء الذهب من قبل التجار.
وليس ارتفاع الطلب فحسب، ففي تركيا يشتري الكثير من التجار أونصة الذهب بأكثر من سعرها العالمي بـ370 دولاراً، ويؤكد أكثر من تاجر لبناني بأنه يبيع أونصات الذهب إلى تركيا بما يفوق السعر العالمي بنحو 370 دولاراً أي بأكثر من 4300 دولار للأونصة مع احتمال ارتفاعها في الفترة المقبلة.
وأكد مصدر تركي في حديث لـ"المدن" أن أسعار الذهب في اسطنبول ارتفعت فعلاً للشراء فقط فيما يتوقف غالبية التجار عن مبيع الذهب لأكثر من سبب، الأول ترقب ارتفاع أسعار الذهب العالمية لتحقيق أرباح وفيرة في وقت قصير والثاني لا يقل عن الأول أهمية وهو صعوبة إعادة شراء الذهب من السوق "فالقلة القليلة من المواطنين يبيعون الذهب غير المصاغ".
ويتخوّف تجار ذهب من أن تتصاعد حدّة الطلب في ظل شح المعروض وتمنّع المواطنين عن بيع الذهب، ما من شأنه أن يوسّع نطاق استغلال الزبائن الراغبين بشراء الذهب ويحوّل السوق إلى سوق سوداء.
وقع الشح فعلاً
وقع شح المعروض لأونصات الذهب والفضة في السوق اللبنانية، فبات الزبائن ومعهم التجار من غير المصنعين يطلبون الطلبية ويقومون بسداد مبلغ مالي كعربون. فتوضع أسماؤهم على لائحة الانتظار لمدة تراوح بين أسبوع و10 أيام ريثما تتم تلبية طلبهم بتأمين أونصات الذهب، فيما تصل مدة الانتظار لتسلم أونصات الفضة أو كيلو الفضة إلى أكثر من أسبوعين. وقلة قليلة فقط من المؤسسات تؤمن أونصة أو اثنتين لزبائنها فوراً أو في وقت قصير. ونتحدث هنا عن كيلو الفضة باعتبار أن الطلب على الفضة يتركّز بغالبيته بالكيلوغرامات وليس الأونصات.
وليس سوق الأونصات الوطنية من الذهب بأفضل حالاً من الأونصات السويسرية، فالوطنية أيضاً تواجه شحاً بالمعروض ويستلزم تأمينها ما بين أسبوع و10 أيام، في حين يؤمنها بعض التجار بوقت سريع مع رفع أسعارها بما يفوق الأسعار العالمية للذهب السويسري علماً أن الوطني عادة ما يقل سعراً عن السويسري بنحو 40 أو 50 دولاراً.
بورصة الأسعار
لأول مرة يفوق سعر الأونصة لبنانية الصنع عن سعر السويسرية (عالمياً)، وتُباع اليوم الأونصة اللبنانية بما لا يقل عن 4070 دولاراً وتصل لدى البعض إلى 4100 دولار، علماً أن سعرها يجب أن يقل عن سعر السويسرية بنحو 40 إلى 50 دولاراً. ويبلغ سعر الأونصة السويسرية اليوم عالمياً 4017 دولاراً. مع الإشارةإلى أنه قبل الازمة العالمية كانت تباع الأونصة الوطنية بأقل من سعرها المحدّد بنحو 20 دولاراً لتشجيع الزبائن على الشراء.
أما الأونصة السويسرية فتباع في السوق اللبنانية اليوم بما يزيد عن السعر العالمي بنحو 115 دولاراً أي بنحو 4130 دولاراً ويصل سعرها لدى البعض إلى 4200 دولار.
يعيدنا تفاوت الأسعار في أونصات الذهب اليوم إلى زمن السوق السوداء للدولار في بدايات الأزمة في لبنان، علماً ان للذهب بورصة عالمية لا يجوز تخطي أسعارها إلا ضمن هامش ربح معيّن.
تدفع مسألة اتساع الفجوة بين أسعار أونصات الذهب في الأسواق المحليّة، سواء في تركيا أو في لبنان، مقارنة بالأسعار العالمية، إلى جعل تلبية الطلب مهمة بالغة الصعوبة.
ويبدو أنّ لبنان يسير على خُطى تركيا في هذا المجال، إذ يشهد إقبالاً غير مسبوق على شراء الذهب، في ظل انخفاض المعروض ما يجعل من السوق السوداء واقعاً.
عزة الحاج حسن - المدن