الموازنة الملغومة

الموازنة الملغومة -- Oct 16 , 2025 15

تنص المادة 81 من الدستور على أن لا ضريبة إلا بقانون شامل تطبق أحكامه على جميع الأراضي اللبنانية من دون استثناء. وتؤكد المادتان 82 و83 منه أن فرض الضرائب يتم بقانون في مجلس النواب في سياق إقرار الموازنة أو بقوانين مالية خاصة.

غير أنه يتبدى من مشروع الموازنة المرسلة من الحكومة إلى المجلس النيابي أن هناك محاولة لفرض ضريبة على أرباح لم تتحقق بعد تحت مسمى "أمانة على حساب ضريبة الدخل" بحسب المادة 31 من مشروع موازنة العام 2026.

ليبقى السؤال هل يحق للمجلس النيابي أن يفرض ضريبة على أرباح لم تتحقق بعد؟

يتجلى واضحًا من أحكام المواد السابقة الذكر أن المجلس النيابي هو الوحيد المخول فرض الضرائب لكن هذا الحق لا يعطي البرلمان حرية مطلقة إذ تظل هناك مبادئ دستورية ومالية تحدّ من تلك الصلاحية في ما لو تجاوزها، ومنها: المساواة أمام الضريبة، العدالة الضريبية وواقعية الضريبة.

وعليه، إذا حاول المشترع فرض ضريبة على أرباح لم تتحقق بعد يعتبر هذا مخالفًا لمبدأي الواقعية الضريبية وعدم جواز فرض ضريبة على مالٍ غير موجود.

وبالتالي إن حصل وشرّع المجلس النيابي ضريبة على أموال لم تتحقق بعد يُعرض القانون للطعن أمام المجلس الدستوري لعدم دستوريته. فقد سبق للمجلس الدستوري أن شدد في قرارات سابقة له على مبدأ العدالة الضريبية، وربط الضريبة بالقدرة على الدفع. ومن تلك القرارات، القرار الذي يحمل الرقم 5/2018 حيث أكد المجلس من خلاله أن المشترع لا يمكنه أن يفرض ضريبة إلا على واقعة مالية متحققة بما يتناسب مع قدرة المكلّف على الدفع.


يتبدى مما سبق بيانه أن فرض ضريبة على أرباح لم تتحقق بعد يعتبر مخالفة لمبدأ العدالة الضريبية، ولا يحق للمجلس النيابي على الرغم من امتلاكه صلاحية واسعة في فرض الضرائب عند درس الموازنة، أن يفرض ضريبة لم تتحقق بعد.

أبعد من ذلك، وعلى سبيل الجدلية، إذا تبيّن أن هناك خسارة في ميزانية أية شركة، هل تدفع ضريبة؟ طبعًا لا، فكيف بالحريّ أن تدفع ضريبة على أرباح غير متوقعة.


أكثر استفاضة، تلتف الحكومة بصياغتها على أحكام الدستور من خلال الإيحاء بأن الأموال التي ستجبى من إدارة الجمارك بنسبة 3 بالمئة، هي "أمانة على حساب ضريبة الدخل"...كذا، مع التأكيد أن المادة المنوه عنها آنفًا تحمل الغموض في الصياغة والتطبيق المقترح.

أمام هذا الواقع تكون الشركات أمام معضلتين، الأولى، تتجسد أنه لا ثقة بالدولة، فمن سرق جنى عمر الناس بطريقة جماعية واتخذ قرارًا بالتمنع عن دفع سندات اليوروبوندز، لن يصعب عليه في ما بعد اتخاذ قرار بإلغاء تلك الأموال تحت أية حجة أو مسمى، أما الثانية، فتتجلى بتخوف الشركات من أن تحوّل على الدرس في ما لو طالبت باسترداد تلك الأموال.

بالنتيجة، إن حصل وفرضت تلك الضريبة، وحده المستهلك سيدفع الثمن. فيا حبذا لو وجدنا خطة أو رؤية إصلاحية، اقتصادية أو مالية في الموازنة غير المتوازنة.

أنطونيو فرحات - نداء الوطن

أقرأ أيضاَ

اتحاد نقابات الأفران والمخابز: لملاحقة كل من يعمد الى التشهير أو الابتزاز

أقرأ أيضاَ

لبنان يقترب من إقرار قانون إعادة هيكلة الديون