أزمة البطاطا والبصل في لبنان... والقنب الهندي يلوّح كفرصة إنقاذ

أزمة البطاطا والبصل في لبنان... والقنب الهندي يلوّح كفرصة إنقاذ -- Oct 17 , 2025 11

تشهد الزراعة في لبنان، ولا سيما في سهلَي البقاع، تراجعا غير مسبوق، وسط تحولات اقتصادية عميقة وانكماش سياسي وعقوبات خارجية ومضاربات إقليمية حادة. وبينما تتجه دول عربية مجاورة نحو "الكفاية الزراعية" وتقليص الاستيراد، يبقى المزارع اللبناني يتخبط في خيارات غير مدروسة، وزراعات موسمية رهينة الحظ والظروف المناخية.

 

هذا وبدأ موسم البطاطا البكيرة هذا العام في الأول من أيار، ورغم الجفاف وتراجع مستوى المياه، بقي الإنتاج وفيرا. إلا أن هذا "الخير" ترافق مع ارتفاع في كلفة الإنتاج، وتدهور في الأسعار، بسبب الضرائب غير المدروسة وارتفاع أسعار البذار والمازوت والأسمدة. ومع تراجع أسعار البطاطا والبصل عالميا، دخل لبنان بدوره في أزمة كساد خانقة.

وتقدّر كمية الإنتاج المحلي من البطاطا بنحو 350 ألف طن، في حين لا يتجاوز الاستهلاك المحلي 150 ألف طن، ما يترك 200 ألف طن بحاجة إلى التصدير. ومع انسداد طرق التصدير الإقليمية، لجأ المزارعون إلى تخزين الإنتاج في البرادات، على أمل تحسن الأسعار. إلا أن الواقع جاء معاكسا، فانخفض سعر الطن من 300 دولار إلى 220 دولارا، أي بخسارة تقارب 80 إلى 100 دولار للطن الواحد.

وفي السياق، أوضح رئيس "جمعية المزارعين والتجار" إبراهيم الترشيشي أن "السوق المحلية قادرة على استهلاك كمية محدودة فقط حتى منتصف تشرين الثاني، في حين سيُصار إلى التخلص من كميات كبيرة من البطاطا عبر تحويلها إلى علف للحيوانات، خاصة من نوع سبونتا التي تتلف سريعا". وأضاف أن "النوع الآخر أغريا يمكن حفظه حتى شباط المقبل، لكن مع دخول البطاطا المصرية إلى السوق، من المتوقع أن تنخفض الأسعار أكثر، لتصل إلى حدود 200 دولار للطن".

لم يكن البصل أفضل حالاً من البطاطا. فقد تراجعت أسعاره بشكل حاد، إذ انخفض سعر الكيلو من 30 ألف ليرة إلى 20 ألفا، نتيجة الركود الاقتصادي، وضعف القدرة الشرائية والمنافسة الخارجية، خصوصا من الأسواق السورية، حيث الأسعار أدنى. كما أشار الترشيشي إلى أن التصدير إلى الأردن توقف، بعد قرار الأخيرة بالسعي إلى "صفر استيراد زراعي".

وسط هذا المشهد القاتم، تلوح في الأفق "فرصة ذهبية" لإنقاذ الزراعة اللبنانية، عبر تشريع زراعة القنب الهندي لأغراض طبية وصناعية. فهذه الزراعة قليلة الكلفة، وتحقق أرباحا مرتفعة، خصوصا أن نوعية القنب المزروع في بعلبك والهرمل وعكار، غنية بالمركبات المطلوبة لصناعة الأدوية.

أكثر من 80 دولة في العالم تسمح بزراعة القنب الطبي، وعدد من شركات الأدوية أبدى اهتماما بشراء الإنتاج اللبناني المحتمل. لكن العراقيل الإدارية لا تزال تعرقل التنفيذ، إذ لم يُعيَّن بعد مدير عام للهيئة الناظمة، ولم تصدر المراسيم التطبيقية اللازمة، ما يترك المزارعين في حالة ترقب وضياع مع كل موسم جديد.

حتى الساعة، يبقى المزارع اللبناني حائرا بين خسائر البطاطا والبصل، وأحلام "الإنقاذ الأخضر" عبر تشريع القنب الهندي. وبينما تنتظر الدولة المراسيم، ينتظر المزارع موسما جديدا قد لا يختلف كثيرا عن سابقه، ما لم تتبدل السياسات وتُفتح الأبواب أمام بدائل واقعية ومستدامة.

حسين درويش - الديار

أقرأ أيضاَ

كركي: دفعات جديدة للمستشفيات والأطباء بقيمة 113 مليار ليرة

أقرأ أيضاَ

وزارة الزراعة أطلقت مع الفاو مشروع تعزيز مرونة قطاعي المياه والغذاء