نقل معاكس للثروة: استعادة 30% من القروض المسددة بالليرة

نقل معاكس للثروة: استعادة 30% من القروض المسددة بالليرة -- Dec 24 , 2025 26

سيظل النقاش ساخناً حول معادلة إعادة الودائع التي حملها مشروع قانون الانتظام المالي واسترداد الودائع، حتى بعد إقراره في مجلس الوزراء، لكن الجديد في النسخة الأخيرة التي وصلت إلى أيدي الوزراء أنها حملت مقاربات لم تطرح سابقاً لمعالجة مسألة التحويلات إلى الخارج، وأرباح الهندسات المالية، والفوائد الفاحشة، والقروض المسددة على سعر الصرف القديم أو عبر تجارة الشيكات.

في ملف إعادة الودائع، تبقى الإشكالية الأكبر أن العنوان المعلن مختلف عن الواقع. فشعار إعادة الودائع كاملة ليس حقيقياً، لا لصغار المودعين ولا لكبارهم. فصغار المودعين خسروا بالفعل الكثير من خلال التضخم الذي أكل رؤوس أموالهم، ومن خلال “الهيركات” الذي حملته تعاميم مصرف لبنان في السنوات الماضية. أما أصحاب الودائع المتوسطة والكبيرة، فحتى لو تم سداد السندات بالكامل في مواعيدها، سيقع عليهم اقتطاع يتراوح بين 40% و60%. والمثال البسيط على ذلك أن الوديعة التي كانت قيمتها الحاضرة (Present Value) عشرة ملايين دولار عام 2019، سيحصل عليها صاحبها بنفس القيمة الاسمية مقسطة حتى عام 2046 مثلاً، بينما كانت قيمتها المستقبلية (Future value) ما لا يقل عن 22 مليون دولار، وفق أكثر التقديرات تحفظاً.

الدخول في المناطق المحظورة

على الرغم من أن مشروع القانون يقسو على المودعين، غير أنه يحسب له الدخول في المناطق المحظورة تحت عنوان “تنقية الأصول غير المنتظمة”، والمقصود بها عملياً استعادة جزء من الثروات التي انتقلت من المودعين إلى فئات أخرى. وتشمل تلك الفئات من الأصول:

1- التحويلات إلى الخارج من قبل كبار المساهمين والمسؤولين في المصارف وأقاربهم بعد تاريخ 17/4/2019، على افتراض أن هؤلاء يمكن أن تكون قد توفرت لديهم معلومات داخلية عن أوضاع المصارف قبل انفجار الأزمة. هذه التحويلات تفرض عليها غرامة تعادل 30% من القيمة التي تتجاوز 30 ألف دولار. بمعنى أن من حوّل مئتي ألف دولار إلى الخارج تكون الغرامة عليه 30 ألف دولار فقط، وليس 60 ألفاً. وتحوّل هذه الغرامات إلى حساب تسديد الودائع.

2-التحويلات الأخرى إلى الخارج بعد انفجار الأزمة في 17/10/2019، إذا تجاوزت 100 ألف دولار ولم يكن لها مبرر تجاري أو تعليمي أو صحي. وهذه أيضاً تخضع لغرامة الـ30 %.

3- الفوائد الفاحشة، بما فيها فوائد الهندسات المالية، على الجزء الذي يتجاوز 100 ألف دولار. ومعالجتها تكون بحسم الفوائد والقيد العكسي لقيمة الفرق في الحساب المصرفي.

4-المبالغ التي تحولت من الليرة إلى الدولار بعد 17 تشرين، ومتحصلات تجارة الشيكات. هذه الأموال يعاد تقييمها بالدولار الأميركي على سعر صرف 50 ألف ليرة للدولار، للأموال التي تم تحويلها من الليرة بين 17/11/2019 ونهاية 2020، وعلى سعر 35 ألف ليرة للأموال المحولة من الليرة في 2021، وعلى سعر 30 ألف ليرة للأموال المحولة من الليرة في 2022، وعلى سعر 18 ألف ليرة للأموال المحولة من الليرة بعد ذلك.

5- القروض المسددة بالليرة على سعر الصرف القديم، إذا تجاوزت 500 ألف دولار. ولمعالجتها، تفرض غرامة تعادل 30% من الدين بالدولار الأميركي، تسدد خلال خمس سنوات لصالج حساب تسديد الودائع لدى مصرف لبنان.

6- المكافآت وتوزيعات الأرباح المفرطة من البنوك للمساهمين فيها وكبار الموظفين.

7- الأموال غير المشروعة. وهذه تجمّد إلى أن تقرر هيئة التحقيق الخاصة مصيرها.

مقاربة الأزمة

تشكل هذه المعالجات تقدماً جوهرياً في مقاربة الأزمة على أنها عملية انتقالٍ للثروة، بالصدفة أو بفعل فاعل، من المودعين إلى الفئات الأخرى المذكورة أعلاه، ولو أن في قائمة المستفيدين فئات أخرى ليس من شأن هذا القانون أن يلتفت إليها، لا سيما التجار الذين استفادوا من أموال الدعم، ومن الاختلال الفاضح في سداد الضريبة على القيمة المضافة وفق سعر الصرف القديم.

غير أن السؤال حول الحدود التي حملها مشروع القانون لاستعادة الأموال من المقترضين الذي سددوا قروضهم بالليرة. ما العبرة من عدم فرض الغرامة سوى الذين تزيد قروضهم على نصف مليون دولار؟ هل يعتبر قرضُ بـ 499 ألف دولار قرضاً صغيراً لمحدودي الدخل؟ ولماذا يعتبر مثل هذا القرض صغيراً بينما لا ينطبق وصف الوديعة الصغيرة سوى على تلك التي تقل عن 100 ألف دولار؟ ثم لماذا تحدد الغرامة على هذه القروض، وعلى الأموال المحولة إلى الخارج بـ 30% في المئة فقط؟

على أن العبرة تبقى في مدى قدرة هذه الصيغة على اختراق الحواجز التي سقطت عندها الكثير من المحاولات السابقة لإنتاج الحلول.

عبادة اللدن - اساس ميديا

أقرأ أيضاَ

كركي: 185 مليار ليرة للمستشفيات والأطبّاء

أقرأ أيضاَ

اتفاق وشيك على "الانتظام المالي": 18 مليار دولار كلفة أول 100 ألف دولار