قطر تبني "وول ستريت" خاصاً بها وتغري كبار المستثمرين العالميين

قطر تبني "وول ستريت" خاصاً بها وتغري كبار المستثمرين العالميين -- May 23 , 2025 5

المصدر:بلومبرغ

يعكف المسؤولون في الدوحة على تقديم امتيازات مغرية لشركات وول ستريت في إطار خطة طموحة لتحويل المدينة إلى مركز مالي بارز في الشرق الأوسط.

عُرض على بعض الشركات المالية إعانات نقدية تتيح لها تحديث مقارها في جميع أنحاء المدينة بما يتناسب مع احتياجاتها، فيما أُبلغت شركات أخرى بأن الحكومة ستتكفل بأجور بعض موظفيها إذا وسعت أنشطتها داخل المدينة.

وقال الشيخ علي الوليد آل ثاني، الرئيس التنفيذي لوكالة "استثمر في قطر" (Invest Qatar)، التي تصف نفسها بأنها جهة مرافقة لرواد الأعمال والشركات المهتمة بالاستثمار في البلاد: "لطالما كان نهجنا هو التركيز على ما نراه ميزة تنافسية".

قطر تنافس مراكز مالية إقليمية
على عكس دبي وأبوظبي والرياض، التي تُعد مراكز مالية بحد ذاتها، تُعرف قطر بدورها كوسيط حذر في النزاعات الجيوسياسية المتوترة. إلا أن الدولة الخليجية الصغيرة، وبعد إنفاق أكثر من 300 مليار دولار لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم قبل عامين، تتوقع تدفقاً نقدياً كبيراً بالتزامن مع توسعها في إنتاج الغاز الطبيعي المسال.

وبحسب أشخاص مطلعين على الأمر، تعتزم الدوحة استخدام جهاز قطر للاستثمار، الذي تبلغ قيمة أصوله 524 مليار دولار، كأداة رئيسية لدفع طموحاتها. وأفاد الأشخاص بأن الجهاز قد يبدأ في تشجيع صناديق الأسهم الخاصة والبنية التحتية على إنشاء مقار لها في البلاد، مستخدماً ثقله كمستثمر لجذبها.

رفض ممثل عن جهاز قطر للاستثمار التعليق على الأمر.

حوافز قطرية لجذب الاستثمارات
تلوح في الأفق مؤشرات على تصاعد وتيرة المحادثات الاستثمارية في بعض القطاعات.

ففي منتدى قطر الاقتصادي الذي عُقد هذا الأسبوع، قال خالد العبيدلي، رئيس الهيئة العامة لتنظيم القطاع العقاري في قطر: "التقيت بعدد من المستثمرين الكبار، من ضمنم جهاز قطر للاستثمار نفسه، و"بروكفيلد" (Brookfield) و"بلاكستون" (Blackstone)". وأضاف: "كانت جميع أسئلتي تدور حول: ما هي خطة أعمالكم؟ وما الذي يدفعكم لاتخاذ قرار الاستثمار؟".

وتابع: "حتى نتمكن كحكومة من فهم ذلك، والتأكد من توفر المتطلبات الأساسية اللازمة لتلك الاستثمارات".

في هذا السياق، أطلقت "استثمر في قطر" حزمة حوافز جديدة لجذب الشركات العاملة في مجال إدارة الأصول والتأمين وإدارة الثروات والتكنولوجيا المالية إلى قطر.

ويُعرف البرنامج باسم "حزمة لوسيل للخدمات المالية"، وهو جزء من مبادرة شاملة بقيمة مليار دولار، ويتيح للدوحة تغطية ما يصل إلى 40% من تكاليف الاستثمار المحلية للشركات على مدى الأعوام الخمسة المقبلة، بحسب بيان. كما يُشجع البرنامج على تأسيس مكاتب للشركات في مدينة لوسيل، التي تُعد الحي المالي والتجاري الرئيسي في البلاد.

ولا تقتصر الخطة على قطاع المالية فحسب، بل تشمل أيضاً شركات التكنولوجيا والخدمات اللوجستية والتصنيع المتقدم.

الدوحة في منافسة من دبي وأبوظبي
مع ذلك، لا تزال الدوحة متأخرة عن المراكز المالية الأخرى في المنطقة.

فمدينتا دبي وأبوظبي في الإمارات العربية المتحدة تتيحان سهولة الحصول على إقامات طويلة الأجل، وتوفران نمط حياة يفضلها بعض المغتربين. كما أن العديد من الشركات التي تتواجد بالفعل في المنطقة قد تتردد في فتح مكتب إضافي في قطر ما لم تكن هناك أعمال كبيرة تستدعي ذلك.

قال الشيخ علي، من "استثمر في قطر": "حجم الكعكة ينمو بوتيرة سريعة جداً. والعديد من المشاريع تعود في الواقع لشركات أجنبية تأسست في البداية، على سبيل المثال، في الإمارات أو السعودية، ثم قررت لاحقاً التوسع إلى قطر".

ثمار أولية: شركات عالمية تحط رحالها
تلوح مؤشرات مبكرة تُظهر أن جهود الدوحة تؤتي ثمارها. ففي هذا الأسبوع تحديداً، أعلنت شركة "آشمور غروب" (Ashmore Group Plc)، المتخصصة في الأسواق الناشئة، عن نيتها لافتتاح مكتب في قطر، مقتفية أثر "غلوبال إنفراستركتشر بارتنرز" (Global Infrastructure Partners) التابعة لـ"بلاك روك" (BlackRock).

وعلى عكس السعودية، التي اشترطت على شركات وول ستريت الحصول على ترخيص مقر إقليمي داخل المملكة كشرط أساسي للتنافس على العقود الحكومية، اختارت قطر اتباع نهج أكثر ودية في استقطاب هذه الشركات.

وقال الشيخ علي إن "الهدف الأساسي هو تحفيز الشركات على تأسيس وجود فعلي لها في قطر. نحاول أن نكون جهة تنافسية ونعمل على تشجيع الاستثمار من خلال تقليل حجم المخاطر".

قطر تراهن على رأس المال الجريء
برز جهاز قطر للاستثمار بالفعل كأحد الركائز الأساسية في هذه الجهود. فقد أطلق الصندوق السيادي العام الماضي ما يُعرف ببرنامج "صندوق الصناديق"، والذي يوفر تمويلاً أولياً لشركات رأس المال الجريء على أمل أن استثمار هذه الأموال محلياً.

كانت شركة "يوتوبيا كابيتال مانجمنت" (Utopia Capital Management)، ومقرها لندن، من أولى الجهات التي حظيت بهذا الدعم، وقد أعلنت في فبراير عن خططها لافتتاح مقرها الرئيسي لمنطقة الشرق الأوسط في الدوحة. وتبعتها بعد ذلك بأسابيع شركات أخرى مثل "بي كابيتال" (B Capital)، التي أسسها المؤسس المشارك لـ"فيسبوك" إدواردو سافرين، وراج جانغولي، المستثمر السابق في "باين كابيتال" (BainCapital).

كان الحماس بشأن آفاق الدوحة واضحاً خلال منتدى قطر الاقتصادي.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني، خلال الفعالية: "قال لي صديقٌ ذات مرة إن بطولة كأس العالم كانت أشبه باكتتاب عام أولي بالنسبة لقطر. وأعتقد أنها كانت، بفضل الله، عملية اكتتاب ناجحة للغاية، وقد فاقت التوقعات".

ما بعد المونديال: اقتصاد المؤتمرات والفعاليات
لم تتوقف وتيرة التطوير في قطر بعد انتهاء بطولة كأس العالم. فعلى مدار أعوام، نجحت الدولة في الفوز باستضافة فعاليات رياضية، ما ساهم في جذب آلاف المشجعين إلى أراضيها. واليوم، تراهن قطر على سلسلة من المؤتمرات والمعارض لاستقطاب المزيد من العائلات، والمسافرين للسياحة العلاجية ومن رجال الأعمال.

قال جيف بلاو، الرئيس التنفيذي لشركة التطوير العقاري "ريليتد كوس" (Related Cos.)، خلال مشاركته في المؤتمر هذا الأسبوع: "نبني أربعة فنادق إكوينوكس في السعودية، وواحداً في أبوظبي، وآخر في دبي. وفي الكواليس، أعتقد أننا ربما توصلنا إلى اتفاق بشأن الدوحة".

أقرأ أيضاَ

تسارع التضخم في اليابان بأعلى وتيرة منذ عامين وسط قفزة تاريخية في أسعار الأرز

أقرأ أيضاَ

صندوق النقد يجري محادثات اقتصادية "مفيدة" مع الحكومة السورية