تداعيات الحرب محدودة حتى الآن والمخاوف تتركّز على ارتفاع الأسعار -- Jun 18 , 2025 12
خلال الحرب الإسرائيلية على لبنان، ورغم دخول لبنان في اقتصاد الحرب، لم تتأثر سلسلة التوريد لكافة المواد الاستهلاكية والغذائية من نفط، قمح وحبوب وغيرها، ولكنّه تبيّن خلال الحرب الأخيرة ووسط المخاطر العالية التي كانت تحيط بلبنان من توقف الملاحة الجويّة والتهديد بتوقف الملاحة البحرية، أن مخزون لبنان من المواد الأساسية هو نفسه في الحرب والسلم، ولا قدرة على رفعه أو التحوّط بنسبة أكبر حتّى لو أراد ذلك على صعيد النفط والقمح.
هل يختلف المشهد اليوم، وسط المخاوف المتزايدة من إمكانية توسّع الصراع الإسرائيلي الإيراني وتحوله إلى حرب إقليمية؟ وما مدى أهمية تحصين لبنان من أي تداعيات قد تنعكس عليه جراء التطورات الأمنية المستجدة في المنطقة والتصعيد العسكري؟ وهل تعلّمت البلاد من التجارب السابقة وتنوي وضع خطة احترازية في حال حصول حصار بحري، وهل لدى الحكومة سياسة للتحوّط والتحصين ورفع مخزون المواد الأساسية تحسّباً للأسوأ؟
في هذا الإطار، أوضح مدير عام وزارة الاقتصاد والتجارة محمد أبي حيدر أن سلسلة التوريد لم تتأثر بتاتاً لغاية الآن بالتوترات الحاصلة، ولا توجد ارتدادات سلبية على الأمن الغذائي كما إن مخزون المواد الغذائية والاستهلاكية لا يزال على حاله، "ولكنّ الخشية تكمن في حال توسّع الحرب بشكل أكبر لتشمل المنطقة ككلّ، بما قد يؤدي إلى توقّف الشحنات وارتفاع الاسعار". مؤكداً لـ"نداء الوطن" أن حصول أي توتر على مضيق باب المندب سيؤثر على الشحنات الواردة إلى لبنان والتي ستختار القرن الأفريقي وتتحوّل نحو مضيق جبل طارق، مما يؤدي إلى تأخر وصول كلّ شحنة إلى لبنان حوالى 3 أسابيع.
كما أشار أبي حيدر إلى أنه في حال توسّع الحرب في المنطقة، فان كلفة التأمين على الشحنات خلال الحروب ترتفع تلقائياً، مما ستكون نتيجته ارتفاعاً في أسعار المواد كافة.
على صعيد المواد الغذائية والاستهلاكية المستوردة، طمأن رئيس نقابة مستوردي المواد الغذائية هاني بحصلي إلى أن لبنان لديه مخزون كبير من المواد الغذائية وهو يكفي الاستهلاك المحلي لحوالى ثلاثة أشهر. موضحاً ان عمليات الاستيراد تتم وفق الجداول المحددة، وأن معظمها يتم عبر البحر، مما يبعد خطوط الملاحة البحرية عن أي تهديدات، ويوفّر خطوطًا آمنة لاستيراد المواد الغذائية والاستهلاكية، على الأقلّ لغاية الآن وطالما أن العمليات العسكرية لا تزال محصورة بين إسرائيل وإيران.
ووسط القلق المتزايد من التصعيد الإيراني عبر إقفال مضيق هرمز الذي يمرّ عبره 30 % من النفط العالمي و20 % من الغاز العالمي، مما سيساهم في ارتفاع صاروخي لأسعار النفط في حال حصوله، كيف يستعدّ لبنان في هذا الإطار، خصوصًا أن أسعار النفط العالمية بدأت مسار ارتفاعها منذ الآن؟ وهل لديه القدرة على رفع مخزونه تفاديًا لمزيد من الارتفاعات في الأسعار؟
أكد أبي حيدر أن مخزون النفط يكفي لمدّة تتراوح بين شهر إلى شهر ونصف الشهر من دون احتساب الكميات المتوفرة لدى المحطات والمخزنة لدى التجار، كما أن مخزون الغاز يكفي لمدّة تتراوح بين شهرين إلى شهرين ونصف من دون احتساب الكميات المتوفرة في المحطات أيضًا. مشيراً إلى أن هذه هي قدرة لبنان القصوى على تخزين المواد النفطية ولا توجد إمكانية للتخزين بنسب أكبر.
وأوضح أن أي توسّع للحرب وأي توتر في مسار التوريد البحري على مضيق باب المندب سيؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط والغاز العالمية وإلى ارتفاع إضافي بأسعار الشحن والنقل والتأمين، وبالتالي إلى ارتفاع أسعار المحروقات محلياً، لأن البواخر ستغيّر مسارها وتتحوّل نحو طريق آخر أطول مسافة ومدّة. مشددًا في الوقت نفسه على أنه لغاية اليوم، لا يوجد أي تداعيات سلبية للصراع الدائر بين إسرائيل وإيران، "بل مجرّد خشية من التداعيات التي ممكن أن تحصل في حال توسّع الحرب.
وكالعادة، لدى ارتفاع المخاطر والمخاوف من توقف الملاحة البحرية، يشهد القطاع الصناعي ارتفاعًا في حجم التصدير إلى الخارج وفي حجم استيراد المواد الأولية للصناعة تحسّبًا من انقطاعها، وتفاديًا لعدم تأخر طلبيات التصدير إلى الخارج في حال حصول أي خلل في عمليات التصدير البحري، وقبل ارتفاع اسعار الشحن والتأمين بنسب إضافية مع كلّ ارتفاع في نسب المخاطر المحيطة بالمنطقة.
وحول الاجراءات الاحترازية التي يمكن للحكومة اتخاذها، قال أبي حيدر: "طالما المعابر البحرية مفتوحة، لا داعي للقيام بأي إجراءات إضافية، خصوصًا أننا نتّبع سياسة احترازية منذ 5 سنوات من خلال تأمين مخزون من المواد الغذائية والاستهلاكية يكفي لمدّة 3 إلى 4 أشهر، وهو الأمر الساري المفعول لأن خطوط الإمداد لا تزال مفتوحة". مشيرًا إلى أنه في ما يتعلّق بالمواد الغذائية، لا يمكن التخزين بقدرات أكبر من ذلك في ظلّ وجود تواريخ محددة لصلاحية تلك المواد.
وبالنسبة لمخزون القمح، لفت إلى أنه يكفي لمدّة تتراوح بين 3 إلى 4 أشهر، وأنه لم تعد توجد مخاوف على المخزون منذ رفع الدعم عن القمح.
وختم أبي حيدر مؤكدًا أن لا خشية على انقطاع السلع أو المواد الاساسية كافة، خصوصًا أنه خلال العدوان الإسرائيلي على لبنان لم يحصل ذلك، "بل نخشى من ارتدادات الحرب السلبية في حال تطوّرها، على الأسعار التي سترتفع بشكل تلقائي.
نداء الوطن - رنى سعرتي