طلبات الإدراج في بورصة هونغ كونغ تسجّل رقماً قياسياً مع ازدهار سوق الأسهم -- Jul 07 , 2025 12
سجّلت طلبات الإدراج في بورصة هونغ كونغ رقماً قياسياً هذا العام، في وقت تكثّف فيه المدينة جهودها لاستعادة مكانتها كمركز مالي عالمي واستقطاب الشركات الصينية الراغبة في التوسّع خارج البلاد.
وبحسب بيانات البورصة، تقدّمت 208 شركات بطلبات إدراج أولي أو ثانوي في بورصة هونغ كونغ خلال النصف الأول من العام الجاري، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 189 شركة في الفترة نفسها من عام 2021. وشهد شهر يونيو حزيران وحده تقديم 75 طلباً، وهو أعلى عدد شهري يُسجَّل على الإطلاق.
وقد استقطب السوق العديد من الشركات بفعل ارتفاع مؤشرات الأسهم في هونغ كونغ، وتدفّق الأموال من المستثمرين الصينيين إلى المدينة، فضلاً عن مرونة السوق في ما يتعلّق بجمع رؤوس الأموال مقارنةً بالقيود المفروضة في البرّ الصيني. كما جذبت إمكانية جمع الأموال بعملة مرتبطة بالدولار الأميركي، خارج نطاق ضوابط رأس المال التي تفرضها الصين، اهتمام العديد من الشركات الصينية.
وقال كينيث تشاو، الرئيس المشارك لأسواق رأس المال السهمي في آسيا لدى «سيتي غروب» لصحيفة فايننشال تايمز: «الجميع يتدافعون في الوقت نفسه لدخول سوق هونغ كونغ».
وأضاف: «ما نشهده حالياً هو تلاقي تدفّقات المستثمرين الدوليين والآسيويين الذين يعيدون توجيه أموالهم نحو السوق».
أكبر وجهة للإدراجات
ساهم هذا الارتفاع في طلبات الإدراج في دفع بورصة هونغ كونغ إلى صدارة تصنيفات أسواق المال العالمية، حيث جاءت في المركز الأول كأكبر وجهة للإدراجات خلال النصف الأول من العام، بجمعها 13.9 مليار دولار من الطروحات الأولية والإدراجات الثانوية، متفوّقةً على بورصة ناسداك التي جمعت 9.2 مليارات دولار، وبورصة نيويورك التي جمعت 7.8 مليارات دولار، وذلك بحسب بيانات جمعتها شركة «كيه بي إم جي» واستثنت منها صفقات شركات الاستحواذ ذات الأغراض الخاصة.
وقد جاء الأداء القوي لهونغ كونغ في النصف الأول من العام متناقضاً مع أداء سوق لندن، التي لم تجمع سوى 160 مليون جنيه إسترليني خلال الفترة نفسها، في أسوأ نتيجة نصف سنوية لها منذ عام 1995.
ويتزامن هذا الأداء أيضاً مع تسجيل بورصة هونغ كونغ أفضل تفوّق لها مقارنة بالأسهم الصينية خلال نصف عام منذ عام 2008، وهو تفوّق تغذّيه جزئياً تدفّقات قياسية من أموال المستثمرين الصينيين إلى هونغ كونغ عبر آلية «ستوك كونكت»، مما زاد من شهية الشركات للإدراج في المدينة. وقال كينيث تشاو من «سيتي غروب»: «الأرقام خارجة عن المألوف».
وتضم قائمة الإدراجات القياسية المرتقبة في هونغ كونغ نحو 47 شركة مدرجة أصلاً في البرّ الصيني، بحسب شركة «كيه بي إم جي». وتُعتبر المدينة حالياً الخيار الواقعي الوحيد أمام الشركات الصينية الراغبة في الإدراج الخارجي، في ظل تصاعد التوترات بين الصين وأميركا، وما يصاحبها من مخاطر الشطب من الأسواق الأميركية.
وقد شكّلت هذه الإدراجات المعروفة بـ«الإدراج المزدوج من الفئة A إلى H» محرّكاً رئيسياً لنشاط أسواق رأس المال في هونغ كونغ منذ العام الماضي، إذ تسعى الشركات الصينية من خلالها إلى جمع تمويل خارجي يدعم توسّعها العالمي، في وقت يواجه فيه الاقتصاد المحلي ضغوطاً انكماشية متزايدة.
أكبر طرح خلال عام 2025
في مايو أيار الماضي، طرحت شركة «كاتل»، أكبر مصنّع لبطاريات السيارات الكهربائية في العالم، إدراجاً ثانوياً في هونغ كونغ بقيمة 5.3 مليارات دولار، في أكبر طرح شهده عام 2025 حتى الآن. وشملت الإدراجات الأخرى شركات مثل «جيانغسو هنغروي» للأدوية، وشركة الأجهزة المنزلية «ميديا» في العام الماضي.
وقال جونسون تشوي، رئيس خدمات المصدرين العالميين في بورصة هونغ كونغ: «عند النظر في قائمة الصفقات المرتقبة، نجد أن العديد من هذه الشركات الصينية تتمتع بحضور عالمي قوي». وأضاف: «تشمل دوافع الإدراج في هونغ كونغ بناء العلامة التجارية، وجمع رأس المال الدولي، أو توفير أسهم هونغ كونغ لتعويض الموظفين أو استخدامها كعملة في صفقات الاستحواذ المحتملة».
وقد اتخذت بورصة هونغ كونغ خلال السنوات الأخيرة خطوات تهدف إلى تشجيع المزيد من الشركات على الإدراج، بما في ذلك إطلاق مسارات إدراج منفصلة للشركات المتخصّصة في التكنولوجيا الحيوية والتكنولوجيا المتقدّمة.
وتزايدت الآمال حالياً في أن تمتد طفرة الإدراجات إلى ما هو أبعد من الشركات الصينية. فقد جمعت شركة IFBH التايلندية لمياه جوز الهند أكثر من 100 مليون دولار عبر إدراجها في هونغ كونغ نهاية يونيو حزيران.
وقال تشوي: «في ما يخص الجهات المصدّرة الدولية، نحن ننظر إلى أنفسنا كخيار الإدراج الأول للشركات التي تركز على آسيا». وأضاف: «نشهد بالفعل تزايداً في وتيرة الإدراجات ورغبة أكبر من الشركات الدولية في الإدراج في هونغ كونغ للاستفادة من قاعدة المستثمرين العالمية الواسعة التي تتمتع بها المدينة».
ورغم أن بعض الشركات التي تقدّم طلبات الإدراج لا تُكمل بالضرورة العملية حتى النهاية، فإن قائمة الإدراجات الحالية تضم شركات بارزة، من بينها «لينس تكنولوجي» –إحدى مورّدات شركة «أبل»، والمتخصّصة في تصنيع الزجاج لهواتف «آيفون» والمُدرجة حالياً في البرّ الصيني– إضافة إلى الذراع الدولية لشركة «زجين ماينينغ» العاملة في قطاع الذهب، وشركة «شيري» لصناعة السيارات، أكبر مصدّر للسيارات في الصين.
كما يُعتقد أن شركة «شي إن» المتخصّصة في الأزياء السريعة باتت تميل نحو الإدراج في هونغ كونغ بدلاً من لندن أو نيويورك.
ويأتي هذا النجاح لبورصة هونغ كونغ في وقت ما زال فيه نشاط جمع الأموال في البرّ الصيني ضعيفاً، إذ تراجع إجمالي الأموال التي جُمعت من يناير كانون الثاني إلى يونيو حزيران بنسبة 5% إلى 53.7 مليار رنمينبي (ما يعادل 7.5 مليارات دولار)، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، رغم منح السلطات الضوء الأخضر لبعض الشركات لبدء إجراءات الإدراج.